
أهم توصيات ورشة عمل اتحاد خبراء الضرائب العرب حول “الاقتصاد الأخضر والضرائب البيئية
في سياق التغييرات المتسارعة في البيئة العالمية وتزايد الضغوطات على الحكومات والمؤسسات للتحول نحو نماذج اقتصادية مستدامة تراعي الاعتبارات المناخية وتحقق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، عقد اتحاد خبراء الضرائب العرب، ورشة عمل بمدينة سوسة بالجمهورية التونسية تحت عنوان الاقتصاد الأخضر والضرائب البيئية لتشكل مساحة لنقاش علمي ومهني، جمعت نخبة من الأكاديميين والخبراء من مختلف المؤسسات الوطنية والدولية.
جاء في مقدمة المشاركين بالورشة كلا من الدكتور عيسى الشريف امين عام اتحاد خبراء الضرائب العرب والدكتور حسام بوزقرو مدير المعهد العالي للمالية والجباية بسوسة تونس والاستاذ الدكتور نور الدين الحجاجي استاذ الهندسة لتحليل العمليات حرارياً وبيئياً – جامعة لورين فرنسا -استشاري البصمة الكربونية والمائية لدى المنظمات الدولية وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي –خبرة في آليات ضريبة الكربون الأوربية والسفير مصطفى الشربيني الخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ – رئيس كورس البصمة الكربونية والاستدامة بمنظمة الالكسو- جامعة الدول العربية – – سفير ميثاق المناخ الأوروبي والمفوضية الأوروبية E S G- رئيس بيت الخبرة الدوليه للاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية والاستاذ الدكتور العميد خالد عبدالغفار القاضي استاذ البيولوجي وصحة البيئه كليه علوم التغذية ومؤسس ومشرف على كلية الزراعة الصحراوية جامعة حلوان – رئيس مجلس امناء المؤسسة العربية الأفريقية للتحول الاخضر والاستدامة والاستاذ الدكتور مصطفى محمود عبدالقادر رئيس مصلحة الضرائب المصرية السابق -مستشار الضرائب الدولية الاسكو الامم المتحدة والوكالة الألمانية للتعاون الاقتصادي رئيس لجنه التدريب والتطوير والتثقيف الضريبي اتحاد خبراء الضرائب العرب والدكتوره أميرة زناتي مستشارة المصالح العمومية بوزارة المالية التونسية- عضو مجلس إدارة اتحاد خبراء الضرائب العرب واسكندر بن محسن السلامي مستشار جبائي ورئيس الجمعية التونسية للحوكمة الجبائية بتونس.
خلصت الورشة بعد الاستماع الى كل المداخلات إلى الإقرار بوجود تحولات تدريجية في التفكير العربي من الاقتصادات التقليدية كثيفة الكربون نحو نماذج أكثر تكاملا مثل الاقتصاد الأخضر مع محاولة تبني أدوات مالية غير تقليدية كالضرائب البيئية.
هذا وقد تطرقت مجمل المداخلات الى أسباب التغيرات المناخية مبينة أن الاضطراب بين المكونات المتمثلة في الأرض والهواء والماء أدّى إلى فقدان تناسقها، كما أن التطور الاقتصادي والرفاهة الحياتية تعدان من الأسباب الأساسية اللّذان يؤثران سلبا على البيئة جراء استخراج الكربون من الأرض وضخه في الهواء.
كما تم التطرق إلى التأثير السلبي للتقلبات المناخية على البيئة والماء، وتبعا لذلك على الزراعة والإنتاج الفلاحي وهو ما ألزم كل الحكومات على التفكير في آليّات عمل وفي أطر قانونية للمعادلة بين التطور الصناعي من جهة وبين مقاومة التلوث من جهة أخرى، ولإيجاد الموارد اللازمة للتصدي لمقاومة الكوارث البيئية التي سبّبتها التقلبات المناخية والتي كان لها الأثر السلبي على الاقتصاد وعلى الأعمال.
هذا وقد طرحت عديد المداخلات التجارب التي اعتمدتها التشاريع والنظم المقارنة في سنّ أحكام ضريبية ترمي إلى تشجيع الاقتصاد الأخضر وتقييم مدى فاعليتها.
كما تمّ التّعرض للنظام المحاسبي الدولي IFRS 1 IFRS 2 وهي معايير الإفصاح عن الاستدامة التي تجبر المؤسسات على الإفصاح بشفافية عن مخاطر وفرص تغير المناخ وتقديم معلومات عن الأداء البيئي والاجتماعي والحوكمة وكيف أصبحت المؤسسات مطالبة بأخذ التدابير اللازمة لتطبيق المعايير المحاسبية الدولية المذكورة.
في إطار نفس التّمشي الرّامي إلى مجابهة الانعكاسات السلبية للتغيّرات المناخية على البيئة وتحقيق المعادلة بين التطور الاقتصادي والرفاهة الحياتيّة والمحافظة على البيئة، رأى بعض المتدخلين وجوبية أخذ تدابير تحفيزية وتدابير ردعية وأخرى ضريبية تمكّن من تعبأة الموارد الازمة لتحقيق هذه المعادلة بإحداث ضرائب بيئية لتكون لا فقط أداة لتعبئة الموارد بل أداة للإصلاح البيئي.
وعلى ضوء محتوى كل المداخلات، انبثقت عن أعمال الورشة توصيات على المستوى المؤسسي والتشريعي والاقتصادي والضريبي والمجتمعي.
حيث شملت التوصيات على المستوى المؤسّسي والتشريعي:
_ تحديث الأطر التشريعية لإدماج ضرائب بيئية ضمن قانون ضريبي موحّد يعكس أولويات الدولة البيئية.
_ ملاءمة الأنظمة الضريبية مع السياسة البيئيّة للدولة.
بناء قاعدة بيانات بيئيّة واقتصادية مشتركة بين الجهات الحكومية.
سن قوانين ضريبيّة مرتبطة بنتائج رقمية محددة.
_ إدماج البعد البيئي في موازنات الدولة.
_إطلاق برامج تدريب إقليمي للكوادر الضريبيّة العربيّة في مجالات احتساب الانبعاثات وتقييم الأثر البيئي بالتعاون مع المنظمات الدولية والجامعات.
وتضمنت التوصيات على المستوى الاقتصادي والضريبي:
_ العمل على تغيير الضرائب البيئية من أداة مالية بحتة إلى سياسة بيئية تشاركية، تدمج فيها الجهات التشريعية والمجتمع المدني والقطاع الخاص،
_ مواكبة التمشّي الدولي الرّامي إلى إحداث وتعميم المعلوم على الكربون لتفادي دفعه عند التصدير.
_اعتماد المعايير المحاسبية الدولية المتعلقة بالاستدامة.
_ تشجيع الاقتصاد الأخضر عن طريق اليات التمويل.
_ إرساء إستراتيجية وطنية للانتقال الطاقي والانتقال الايكولوجي.
_ تدعيم الضريبة البيئية عن طريق:
إحداث ضريبة على الأنشطة الملوثة.
_ تحفيز الأنشطة النظيفة،
تشجيع الاستثمار في مجال الاقتصاد الأخضر.
_ توضيح الفارق بين مفهوم الضريبة ومفهوم الاتاوة ومفهوم المعاليم واعتماد مفاهيم ومصطلحات موحدة فيما يتعلق بالمجال البيئي بين مختلف التّشاريع العربية.
_ اعتماد تمشي تدريجي في تطبيق الضّرائب البيئية والعمل على التقييم الدوري لمردوديتها.
_ العمل على تحويل الزّراعة البيئيّة من مالية بحتة إلى سياسة بيئية حقيقيّة ترتكز على مفهوم التأهيل والإدارة البيئيّة، مع التّأكيد على ضرورة إعادة توجيه التفكير من المالية إلى البيئة.
_ تبني سياسة بيئيّة تشاركيّة تتشارك فيها الجهات التّشريعية والمجتمع المدني والقطاع الخاص وجميع الأطراف المعنية، لضمان التطور الصحيح والمستدام.
_ إنشاء صندوق خاص بالخزينة لتعزيز الانتقال الطاقي، والحفاظ على البيئة، ومقاومة التلوّث، والتّكيّف مع المتغيّرات المناخية.
كما تضمنت الّتوصيات على المستوى المجتمعي:
_ إطلاق حملات وطنية لشرح الأثر الإيجابي للضّرائب على جودة الحياة،
_ تشريك القطاع الخاص والمجتمع المدني في المشاريع البيئيّة.
_ تعزيز الشّفافية في تخصيص عائدات الضّرائب البيئيّة عبر إصدار تقارير سنوية.
_ اتخاذ التّدابير اللاّزمة للتّوعية وربط الأداءات البيئيّة المزمع احداثها مع الحفاظ على الرفاهية التي كانت من الأسباب الأولية للتلوّث البيئي.
_ تكوين إطارات الإدارة في الميدان وتقليص المسافة بين الإدارة والمؤسسات التعليمية.
هذا وقد نجحت الورشة في تقديم مقاربة متعددة التخصصات لقضية آنيّة وهي الضّرائب البيئيّة وعلاقتها بالتنمية المستدامة، وظهر جليًا من خلال كل المداخلات أن التحول البيئي في العالم العربي لا يمكن تحقيقه فقط من خلال ضرائب منعزلة، بل يتطلب:
إصلاحات مؤسّسية،إرادة سياسيّة، تغييرات ثقافية ومجتمعية.
اكدت إن الضرائب البيئية، رغم كونها أداة واعدة، ولكن لن تكون ذات فعاليّة دون رؤية شاملة طويلة الأمد تُدمج فيها السياسات الاقتصادية مع الاعتبارات البيئيّة والاجتماعية.