
رحيل أيقونة الفن المغربي: عبد القادر مطاع يغادرنا بعد مسيرة فنية خالدة
العالمية نيوز AlalamiyaNews
في لحظة حزينة هزت الساحة الفنية المغربية، ودّع اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، الجمهور والزملاء الفنان القدير عبد القادر مطاع، الذي رحل عن عمر يناهز 85 عامًا، بعد صراع طويل ومؤلم مع مرض عضال. أعلنت الفنانة أمل التمار الخبر المؤلم عبر حسابها الرسمي على فيسبوك، معبرة عن حزنها العميق: “فقدنا اليوم قامة فنية لن تتكرر، عبد القادر مطاع… إرثه سيظل يضيء دروب الجيل القادم”. وسرعان ما انتشر الخبر، ليغرق المنصات الاجتماعية في موجة من التعازي والذكريات الحنينية.
من أزقة الدار البيضاء إلى خشبة المسرح: بدايات متواضعة وشغف لا ينتهي
ولد عبد القادر مطاع عام 1940 في قلب الدار البيضاء، في أسرة متواضعة اضطرتْه إلى ترك مقاعد الدراسة في سن مبكرة ليعمل في مهن يومية متنوعة. لكن القدر كان له رأي آخر؛ فقد اكتشف شغفه بالفن من خلال جمعية الكشافة، التي فتحت له أبواب عالم المسرح. انطلقت مسيرته المهنية بمسرحية “الصحافة المزورة”، ليسرع الخطى نحو الإذاعة، التلفزيون، والسينما، حيث قدم عشرات الأدوار التي رسخت مكانته كأحد أعمدة الدراما المغربية.
تميز مطاع بأسلوبه الفريد، بنبرته الحادة التي تخترق الشاشة، وقدرته على تجسيد الشخصيات بصدق يلامس الوجدان. كان فنانًا ملتزمًا، يرى في الفن رسالة نبيلة لخدمة المجتمع، سواء في الأعمال الدرامية أو الكوميدية التي طبعت ذاكرة المغاربة.
أعمال خالدة: بصمات في تاريخ السينما والدراما المغربية
من أبرز إنجازاته فيلم “وشمة” (1970) للمخرج الراحل حميد بناني، الذي حصد جوائز دولية وأصبح علامة فارقة في السينما المغربية. كما سطّر اسمه في الذاكرة الجماعية عبر أدوار تاريخية مؤثرة في مسلسلات مثل “أمجاد محمد الثالث” و”سيدي عبد الرحمن المجدوب”، حيث أبدع في تجسيد الشخصيات التاريخية بقوة وحساسية نادرة. شارك أيضًا في أعمال تلفزيونية أخرى مثل “الربيب” (2004) مع سعيد الناصيري، و”دموع الرجال” (2017)، مما جعله رمزًا للجيل الذهبي من الفنانين المغاربة.
نعاه العديد من الزملاء والمخرجين، مثل أحمد بوعروة الذي قال: “رحل عبد القادر مطاع… قوة الممثل تقاس بقدرته على خدمة القصة، وهو فعل ذلك بصدق عميق”. كما نشر الإعلامي رشيد العلالي تعازيه: “إنا لله وإنا إليه راجعون… رحمه الله الرجل الطيب”.
سنوات التحدي: فقدان البصر والابتعاد عن الأضواء
خلال السنوات الأخيرة، عانى مطاع من مشاكل صحية خطيرة، أبرزها فقدان البصر تدريجيًا، مما أجبره على الابتعاد عن الساحة الفنية. رغم ذلك، أصر على العودة في بعض الأعمال، محاولًا تجسيد دور الكفيف ليثبت أن الإعاقة لا توقف الإبداع. ومع ذلك، أدت انتكاساته الصحية إلى عزلته النسبية، حيث أثار سعيد الناصيري جدلاً بتصريحاته عن “احتجاز العائلة له” خوفًا على سلامته، بعد حادثة تتعلق ببطاقته البنكية.
إرث يعيش: فراق يترك فراغًا لا يملأ
برحيل عبد القادر مطاع، يفقد المغرب أحد رموزه الفنية الكبرى، الذي حفر اسمه في تاريخ المسرح والدراما الوطنية. كان معلماً لأجيال من الفنانين، يجسد قيم الصدق والانضباط، ويذكّرنا بأن الفن ليس مجرد ترفيه، بل أداة للتعبير عن هوية المجتمع. سيظل صوته ونبرته يرنّان في ذاكرة المغاربة، شاهداً على عصر ذهبي من الإبداع المغربي.
تعازينا الحارة لعائلته وللأسرة الفنية المغربية… رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
ما هي أكثر الأعمال التي تحبونها لعبد القادر مطاع؟ شاركوا ذكرياتكم في التعليقات!