
“إسرائيل” في سوريا إلى أين؟
تقرير: ضحى ناصر
ما زال ملف التوغل الإسرائيلي المتزايد بالأراضي السورية محل جدل واستياء على كافة الأصعدة الدولية والمحلية والعربية، خاصةً وسط تبني الإدارة السورية سياسة المهادنة إذ دأبت على مدار عامًا كاملًا في تبنى الخطاب الهادئ، في ظل تحركات عسكرية إسرائيلية مستمرة للسيطرة على المنطقة العازلة وجبل الشيخ .
لماذا تحتل إسرائيل منطقة جبل الشيخ
تتسم منطقة جبل الشيخ بأهمية بالغة لدى إسرائيل إذ يُلقب بـ “عيون الأمة”، وذلك نظرًا لارتفاعه الذي يجعله مكاناً استراتيجياً لوضع نظام الإنذار المبكر الاستراتيجي على إرتفاع 2280 متراً، والذي يُعد أساسي لإسرائيل.
وهو ما يعني الإشراف على سوريا والأردن وفلسطين، ولبنان، وإجراء مسح شامل ودائم لتلك المنطقة.
كما أن لجبل الشيخ مميزات اقتصادية بالغة بالنسبة الى إسرائيل، إذ يعد مصدرًا أساسيًا لوفرة للمياه، حيث ينبع منه أنهار رئيسية مثل نهر الوزاني ونهر جرجرة، ونهر الحاصباني، ونهر بانياس وغيرها، مما يوفر حوالى 1.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا.
بالإضافة إلى أهميته الدينية، حيث أن جبل الشيخ قد ذُكر في النصوص الدينية اليهودية أكثر من 70 مرة، ما يمنحه أهمية عقدية لدى المتطرفين اليهود.
نتنياهو: نريد حماية الدروز وإخلاء جنوب سوريا من السلاح
ومنذ اليوم الأول لسقوط نظام الأسد، تسعى إسرائيل إلى فرض رؤيتها ومتطلباتها على الدولة السورية في صورة من التدخل السافر والانتهاك الواضح للسيادة السورية، متذرعةً بضرورة نزع السلاح من الجنوب وحماية الدروز، وهو ما يتجلى في لهجة وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس الوزراء، بينيامين نتنياهو، والذي أكد قبل أيام على بقاء قواته في المناطق الواقعة تحت سيطرها في الجنوب السوري وفي محيط جبل الشيخ.
وأشار نتنياهو إلى أن الهدف يكمن في الوصول إلى “اتفاق مع النظام السوري بشأن تجريد جنوب غرب سوريا من السلاح وحماية الدروز”.
وأضاف أن حكومته لن تسمح بأي هجوم على الدروز في المنطقة، وأن حكومته تعمل على نزع السلاح من الجنوب السوري، مشيرا إلى أن الوجود الإسرائيلي هناك يأتي بدعوى منع التهديدات الأمنية.
بينما جاء الرد السوري على لسان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، متمثلًا في تمنيات الإدارة السورية في التوصل إلى إتفاق مع إسرائيل يحقق تطلعات سوريا.
وعن ذلك يقول الكاتب الصحافي السوري عمار جلو، في تصريحات خاصة ل”العالمية نيوز” الحديث عن إتفاق سلام قريب مع إسرائيل، هو مجرد مزاعم من الحكومة السورية أن الإتفاق المقبل سيحل محل إتفاق عام 1974، بينما لا تزال إسرائيل غير واضحة بهذا الصدد.
واصفًا موقف الإدارة السورية بالميوعة، إذ لم يصدر عنها أي رد تجاه الإنتهاكات الإسرائيلية يعبر عن حماية السيادة السورية.
كما شدد على أنه من الضروري أن تحدد الإدارة السورية قبل الجلوس مع إسرائيل اشتراطاتها لحماية السيادة السورية، والتي يجب أن تأتي على رأسها الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود ما قبل الثامن ديسمبر، بالإضافة إلى وقف الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة .
داعيًا الحكومة السورية إلى اتخاذ خطوات حاسمة، تهدف إلى وقف العدوان الإسرائيلي المتكرر على الأراضي السورية.
وانتقد جلو تصريحات الحكومة السورية المستمرة المتطلعة للسلام من دون محاولة إظهار قدراتها على حماية سيادتها، مشيرًا إلى أن تلك التصريحات تعطي تبريرًا للممارسات العدو .
مما يدلل على أن ملف جبل الشيخ نموذجًا واضحًا للتحديات التي تواجه السيادة السورية، ويؤكد أن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا عندما تكون الإدارة السورية قادرة على حماية أراضيها ومقدراتها، ووضع حدود واضحة لأي تدخل خارجي، فالأمن الوطني لا يكتسب بالتصريحات، بل بالخطوات الحاسمة والواقعية على الأرض.