
استاذ قانون دولي: خطة ترامب لغزة محكومة بالفشل وتواجه عقبات قانونية وسياسية جوهرية
كتب اسامة النساج
قال الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأميركية والأوروبية للقانون الدولي، إن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخصوص غزة تواجه معوقات قانونية وسياسية جوهرية تجعلها محكومة بالفشل منذ انطلاقها.
المعوقات الأساسية لخطة ترامب
وحول المعوقات التي قد تعرقل تنفيذ الخطة، أوضح الدكتور مهران في حديث خاص لموقع «العالمية نيوز»، أن العقبة الأولى والأهم تتمثل في تجاهل الخطة التام لحقوق الشعب الفلسطيني الأساسية في تقرير المصير والسيادة على أرضه، مؤكدًا أن أي خطة تبدأ بانتهاك القانون الدولي محكومة عليها بالفشل مهما كان حجم الدعم السياسي والعسكري لها.
وأضاف أن غياب الضمانات الدولية الملزمة لوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيلي كامل، يمثل عقبة قانونية كبرى مؤكدا أن تسليم المناطق من الجيش الإسرائيلي لقوات دولية دون ضمانات يعني استمرار السيطرة الإسرائيلية بأشكال جديدة، لافتًا إلى أن شرط نزع السلاح من غزة يحرم الفلسطينيين من حقهم المشروع في الدفاع عن أنفسهم وفقا للقانون الدولي.
وأشار إلى أن فرض حكومة تكنوقراطية غير سياسية يتعارض مع حق الشعب الفلسطيني في اختيار قيادته بحرية وهو حق مكرس في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مؤكدًا أن محاولة تجريد حماس من أي دور سياسي أو أمني تتجاهل أنها جزء من النسيج السياسي الفلسطيني وتمثل قطاعا واسعا من الشعب الفلسطيني.
موقف حماس المتوقع
وحول احتمال قبول حماس للخطة أكد الدكتور مهران أن الحركة لن تقبل بخطة تلغي وجودها السياسي والعسكري وتحرم الشعب الفلسطيني من حقوقه الأساسية، موضحًا أن حماس خاضت حربا ضروسا لأكثر من عام ونصف وقدمت تضحيات جسيمة ولن تقبل بالاستسلام المقنع تحت مسميات دبلوماسية.
وأضاف أن الحركة ستدرس الخطة بعناية لكن موقفها الأولي المتوقع هو الرفض القاطع لأي ترتيبات تتجاهل الحقوق الفلسطينية، أو تفرض وصاية دولية على غزة، لافتًا إلى أن قبول حماس لهذه الخطة سيعني خيانة للتضحيات الهائلة التي قدمها الشعب الفلسطيني وتنازلا عن كل ما ناضل من أجله.
الدور المصري الحاسم
وحول دور مصر في الخطة، بَين الدكتور مهران أن مصر تلعب دور الوسيط وتنقل الصورة بين الطرفين، مؤكدًا أن مصر تعي جيدًا أن المقاومة سترفض هذه الخطة، مشيدًا بالموقف المصري الحكيم والمتوازن، ومؤكدًا أن القاهرة ستلعب دورًا محوريًا في إعادة تقييم الخطة، وضمان عدم المساس بالحقوق الفلسطينية.
وأكد أن مصر بخبرتها التاريخية في صناعة السلام قادرة على كشف أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية تحت غطاء المبادرات السلمية، موضحًا أن الموقف المصري الثابت الرافض لتهجير الفلسطينيين، وتصفية قضيتهم، سيكون حاسمًا في التعامل مع هذه الخطة، مشيرًا إلى أن مصر ستضمن أن أي ترتيبات مستقبلية تحترم السيادة الفلسطينية وتحفظ حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والقانونية.
خطة ما بعد الحرب ومجلس السلام
وحول خطة ما بعد الحرب ومجلس السلام بقيادة ترامب، انتقد مهران هذه الترتيبات بشدة، مؤكدًا أنها تمنح الولايات المتحدة دور الوصي على الشعب الفلسطيني، وهو ما يتعارض مع مبادئ القانون الدولي، مؤكدًا أن تشكيل مجلس سلام بقيادة أمريكية يعني عمليا استمرار الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية على المنطقة.
وأوضح أن خطة ما بعد الحرب يجب أن تبدأ بمحاسبة إسرائيل على جرائمها وتقديم تعويضات شاملة للشعب الفلسطيني، وإعادة إعمار غزة تحت إشراف فلسطيني كامل، لافتًا إلى أن أي خطة تتجاهل هذه العناصر ستكون مجرد هدنة مؤقتة تمهد لجولات عنف قادمة.
واعتبر الدكتور مهران أن السلام الحقيقي لا يتحقق بفرض إرادة القوي على الضعيف، بل بتطبيق العدالة واحترام حقوق جميع الأطراف، وفقا للقانون الدولي مؤكدًا أن أي خطة تتجاهل هذه المبادئ محكومة بالفشل مهما كان حجم الدعم السياسي والعسكري لها.