
مهرجان التعاون المتوسطي في سردينيا يسلط الضوء في يومه الثالث على التعاون الأوروبي الأفريقي
يستمر لليوم الثالث على التوالي، في محافظة اولبيا شرق سردينيا، اكبر مهرجان عرفته الجزيرة، للتعاون والتضامن بين الشعوب med fest.
ويناقش المهرجان رؤية جديدة للتعاون المتكافىء وتبادل الافكار وطرح العديد من المشاريع المشتركة وانخراط المستهلك في عملية الانتاج، كما ينقاش الهجرة والسياحة والطاقة البديلة والمستدامة.
وفي هذا الاطار، قال سفير المغرب يوسف بلا في كلمة القاها: “ما يطرح من مسائل في هذا اللقاء له اهمية مطلقةً في بلدي ، وهي جزءٌ من رؤيةٍ استراتيجيةٍ أساسية. عند الحديث عن الترابط، أول ما يتبادر إلى الذهن هو القطاع البحري، حيث يُمثل البحر الأبيض المتوسط 20% من حركة النقل البحري العالمية. ولكن يجب أن نكون واقعيين أيضاً: فحجم حركة النقل بين دول البحر الأبيض المتوسط يشهد حالياً انخفاضاً بنسبة 3%، وهو رقمٌ يجب أن يُعيد إحياء اهتمام دول البحر الأبيض المتوسط، لا سيما فيما يتعلق بالتجارة، التي تُعدّ مفتاح الاستقرار والاقتصاد المترابط بشكل مباشر. إن همّنا هو المستقبل، الذي يجب أن يُركّز في المقام الأول على تبادل التقنيات المتبادلة من أجل رفاهٍ مشتركٍ في المستقبل. كما يُمثّل البحر الأبيض المتوسط تحديداً التجارة بين أفريقيا وأوروبا، مع التركيز على تبادل الأشخاص والتواصل البشري، وهو نقطة ضعفٍ في شراكتنا”.
اضاف : ” يُنظر اليوم إلى البحر الأبيض المتوسط كحاجز أكثر منه جسرًا يربط بين قارتين. ولا شك أن برنامج إيراسموس يُقدم دعمًا كبيرًا لهذه القضية، رغم أنه مقارنةً بمشروع العام 2024، الذي كان من المقرر أن يشمل زهاء 33 ألف مستفيد، الا انه لم يستفد منه سوى 8 آلاف، نظرًا لصعوبات ومخاطر ملموسة. لذلك، من الضروري تعزيز مختلف أشكال التواصل، لا سيما من المنظور الإنساني والثقافي”.
وشدد السفير المغربي على أهمية حركة المرور في البحر الأبيض المتوسط، باعتباره حلقة وصل لحركة الشحن العالمية، حيث أن حوالي 90% من التجارة العالمية تتم عن طريق البحر. ولذلك، تُعد حرية الطرق البحرية وأمنها أمرًا بالغ الأهمية، وفي هذا الصدد، سُلط الضوء على التزام البحرية الإيطالية، ضمن تحالف دولي، لا سيما في مراقبة النقاط الرئيسية للتجارة العالمية، مثل مضيق باب المندب، وهو محور محوري يربط البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي. ومع ذلك، لا يقل أهميةً عن ذلك المضيق البحري الذي يطل على سواحل المغرب، حيث يقع ميناء طنجة الحيوي: مضيق جبل طارق، الذي يربط المحيط الأطلسي بالبحر الأبيض المتوسط. يُشكل هذا المضيق البحري مركزًا لحركاتٍ متنوعة، بدءًا من الاتجار بالبشر والهجرة، وصولًا إلى التجارة الحيوية في الطاقة وصناعة صيد الأسماك واسعة النطاق.
وفي هذا المجال، يلتزم المغرب التزامًا راسخًا بتقديم حلولٍ للتحديات الراهنة، لضمان مستقبلٍ آمنٍ وصالحٍ للعيش لجميع الدول التي تواجه هذا الوضع.
وأضاف السفير بلا : “المغرب على قناعة تامة بأن البحر الأبيض المتوسط لديه كل الفرص ليصبح طريقًا آمنًا ومفيدًا للجميع، من خلال تطبيق سياسة مبتكرة، مصممة خصيصًا للانتقال الطاقي الجاري. وقد وضعت المشاريع الكبرى في هذا الاتجاه، والمخصصة للطاقة المتجددة، المغرب في موقع قيادي عالمي، حيث يحتل المركز السابع عالميًا على وجه التحديد من حيث التزامه بالطاقة والمصادر المتجددة. ويعود الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم اليوم، وهي محطة نور-1 في الصحراء الكبرى، بالقرب من مدينة ورزازات. تغطي المحطة مساحة 1.4 كيلومتر مربع، أي ما يعادل مساحة 200 ملعب كرة قدم، وتنتج طاقة خضراء لحوالي مليون شخص. كما تضم حقلًا شمسيًا بحجم مدينة الرباط، العاصمة المغربية. علاوة على ذلك، يجري حاليًا إنشاء محطتي نور-2 ونور-3. والهدف من هاتين المحطتين هو تلبية 52% من احتياجات الطاقة الوطنية بحلول عام 2030.
كما يولي اهتماما كبيرا لمصادر أخرى لإمدادات الطاقة النظيفة، مع إطلاق ستة برامج لإنتاج الهيدروجين الأخضر في عام 2024، أيضًا قبل 2030 سيُمكّن هذا المغرب من الوصول إلى 5 أو 6٪ من إنتاج الطاقة العالمي من مصادر متجددة. ولا بدّ من الإشارة أيضًا إلى قطاع إنتاج الغاز الطبيعي، حيث يجري العمل حاليًا على مشروع خط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا، الذي يمتد لأكثر من 6500 كيلومتر، والذي سيُزوّد 13 دولة أفريقية بالغاز. علاوة على ذلك، سيُغطّي مشروع الكابل البحري الذي يربط جنوب المغرب بألمانيا، بطول 4800 كيلومتر، 5٪ من احتياجات ألمانيا من الطاقة”.
وفي ما يتعلق بالتواصل البشري، قال: ” نعمل مع إسبانيا، أقرب دولة أوروبية إلينا، على تطوير نفق رئيسي بطول 60 كيلومترًا، منها 28 كيلومترًا تحت الماء. سيكون هذا أول رابط حقيقي بين أفريقيا وأوروبا، وسيساهم بشكل كبير في ضبط الهجرة، وهي قضية تُستغل على نطاق واسع حاليًا، وفي مكافحة الاتجار غير المشروع بالبشر، الذي يُدرّ أكثر من مليار دولار سنويًا. باختصار، ثمة إمكانات هائلة لدول البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا وأوروبا للاستفادة من مستقبل زاهر يعود بالنفع على المجتمع بأكمله”.
مهرجان Med Fest
يهدف MEDFEST إلى تجاوز مفهوم “المعرض التجاري” ليصبح منصة استراتيجية حقيقية للتعاملات التجارية بين الشركات، قادرة على جذب الاستثمارات، وخلق التآزر، وتطوير الفرص بين الشركات والمؤسسات والجهات الفاعلة الاقتصادية الدولية. الهدف هو جعل هذا الحدث مرجعًا لمنطقة البحر الأبيض المتوسط وتنوعها البيولوجي، من خلال دمج الأعمال والسياحة المستدامة والصناعات الغذائية الزراعية في منظومة واحدة ومترابطة.