
قمة الدوحة الطارئة … عزلة إسرائيل بين الخطاب العربي وصمت نتنياهو
عزلة إسرائيل بين الخطاب العربي وصمت نتنياهو
قمة الدوحة الطارئة … عزلة إسرائيل بين الخطاب العربي وصمت نتنياهو
العاصمة القطرية شهدت انعقاد قمة عربية إسلامية طارئة، حمل بيانها الختامي لهجة غير مسبوقة من حيث دعوة جميع الدول لمراجعة علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، والمطالبة بتنسيق الجهود لتعليق عضوية تل أبيب في الأمم المتحدة. كما توجه البيان برسالة مباشرة إلى “الشركاء الاستراتيجيين في المنطقة”، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، بضرورة أن يكون لهم دور أكثر فعالية في التعامل مع السلوك الإسرائيلي.
هذا الموقف الجماعي الذي أتى في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، فتح الباب أمام سلسلة من التساؤلات بشأن مدى جدية العرب والمسلمين في الانتقال من الشجب إلى الفعل، وكيف سيتعامل نتنياهو وحكومته مع موجة من العزلة السياسية التي يُراد فرضها. صمت إسرائيلي ورسائل متقاطعة بحسب محرر الشؤون الإسرائيلية لـ”سكاي نيوز عربية” نضال كناعنة خلال حديثه إلى برنامج ” التاسعة “، فإن اللافت حتى الآن هو غياب أي رد فعل رسمي من الحكومة الإسرائيلية تجاه ما خرجت به قمة الدوحة. هذا الصمت، الذي قد يبدو ظاهرياً تجاهلاً، فسره كناعنة بأنه في ذاته “رد”، إذ اختار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الرد بشكل غير مباشر خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الأميركي. في ذلك المؤتمر، دافع نتنياهو عن خطوته وأكد أنها رسالة موجهة مباشرة للقمة المنعقدة في الدوحة، بل ذهب أبعد من ذلك بالقول إن العزلة الدولية ليست مصدر قلق، بل ستكون السمة المقبلة لإسرائيل، داعياً دولته إلى “التجهز لمرحلة من العزلة”. بهذا المعنى، فإن نتنياهو لم يُظهر أي تراجع أو مراجعة، بل حاول تحويل التحدي إلى خيار استراتيجي. لكن ما كشفته القناة الثانية عشرة الإسرائيلية، ونقله الصحفي براك رافيد، أضاف بعداً أكثر تعقيداً. فوفق هذه المعلومات، أبلغ نتنياهو الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالهجوم على الدوحة قبل 50 دقيقة من تنفيذه. هذه المعطيات تعني أن ترامب كان يملك القدرة على وقف العملية أو على الأقل تحذير قطر، لكنه لم يفعل. التسريب لا يضع إسرائيل وحدها في دائرة المساءلة، بل يحرج أيضاً البيت الأبيض ويطرح أسئلة حول حدود التواطؤ أو العجز الأميركي. هنا تبرز مفارقة: ففي العلن يؤكد نتنياهو أن القرار كان “إسرائيلياً بحتاً”، بينما في الكواليس يسعى إلى تقاسم المسؤولية مع واشنطن. هذا التناقض يعكس ارتباكاً في إدارة الرواية، كما يترك انطباعاً بأن إسرائيل تراهن على المظلة الأميركية حتى وهي تواجه تصعيداً في محاولات عزلها. تضامن عربي إسلامي.. وحدود الفعل من الدوحة، قدّم أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر أديب زيادة خلال إلى سكاي نيوز عربية قراءة مغايرة ركز فيها على حجم التضامن الكبير مع قطر، لكنه توقف عند الفجوة بين الخطاب والإجراءات. برأيه، كانت الكلمات في القمة قوية، واستشعر الجميع مستوى عالياً من الخطورة، لكن المخرجات لم تترجم إلى خطوات عملية ترتقي إلى مستوى الحدث. زيادة ذكّر بأن ما حصل في الدوحة لا يخص قطر وحدها، بل يهدد كل الدول العربية والإسلامية. فمنذ سنوات، اعتادت إسرائيل انتهاك سيادة دول عدة: محاولة اغتيال المبحوح في الإمارات، محاولة اغتيال خالد مشعل في الأردن، اغتيال أبو جهاد في تونس، والآن الهجوم على الأراضي القطرية. هذه السلسلة من السوابق تعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة تقوم على اختبار حدود الردع العربي. ومن هنا، يرى زيادة أن السؤال الحقيقي ليس في حجم التضامن، بل في غياب العقوبات أو الردع. فإذا لم تجد إسرائيل من “يؤدبها”، على حد تعبيره، ستواصل انتهاج نفس النهج. الخطورة في نظره أن الشعوب والحكومات العربية والإسلامية عبّرت عن إدراكها للمجازر والانتهاكات، لكن الأفعال لم تصل بعد إلى مستوى التهديد الذي يشكله السلوك الإسرائيلي. زيادة وضع القمة في إطار أوسع: بعد سنوات من الحروب على غزة والمذابح التي طالت المدنيين، لا تزال إسرائيل تتصرف من دون محاسبة. من هنا، فإن البيان الختامي وحده لا يكفي. كان يُفترض أن تُقابل الخطابات بخطوات عملية تفرض كلفة حقيقية على تل أبيب.